تواصل زهران        لا إله إلا الله و حده لا شريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شي قدير          

جديد المقالات




جديد الصور

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

البَيَانُ
05-04-1432 03:45 PM

البَيَانُ
جمالُ القولِ بانتقاءِ أعْدل الألفاظ، وروعةُ الحديثِ بصدقهِ وحُسنِ عرضه، والعربُ تعجبها الفصاحةُ والبلاغةُ، وتذم الهذر والثرثرة، إذ كلمة قد تغني عن كلام، وما أفاد من القول أغنى عن الاسترسال في المقال، وفي وحي السماء المتلو؛ أصول البلاغة والبيان، التي عكف على تعلمها الطالبون، ونهل من معينها العالمون وفي أقوال المعصوم r جوامع الكلم، وبلاغة اللفظ، وأصول البيان، ولاغرو
وتراث الأمة يزخر بدررٍ من الكلم، الدال على المراد، بأوجزِ عبارة وأبلغ بيان، في كلمات تستوقف النفس، وتفننٍ في انتقاءٍ للألفاظ، يأخذ بالألباب، إذ بَرَعَ الحُذَّاق، أصحاب المعارف والعلوم، والحِكَم والفنون إلى اصطفاء كلماتٍ جامعة، ونبذٍ من القول رائعة، أضحت على الألسن ذائعة، تنبي عن مرادهم، بلفظ يسهل على السامع فهمه وحفظه، وعُدَّت بعض تلك الجُمَل من الكلام نظماً أو نثراً، برهاناً يُستدلُ به ويُعوَّلُ عليه.
وتجدَّل من نهر العلوم فنٌ بديع، عني بضبط المعارف والعلوم، بأوجز لفظٍ وأبينه في شكلِ منظومٍ أو منثورٍ علمي، وأضحى ذلك الفن لوناً من أنواع التأليف، ومقاصد التصنيف، يهدي إلى أبواب العلم وفصوله، وييسر ضبط قواعده وأصوله، و يعين على استحضار مسائله وفروعه، في كلمات موجزة مبينة، ومن تلك الكلمات في علم الشريعة وفقهها:
((الأمورُ بمقاصدها،والمشقَّةُ تَجْلبُ التَّيْسِير،والضَّررُ يُزال،والعادةُ مُحكَّمَة،وَلِكلِ مَقامٍ مَقال،وَلِكلِ عَمَلٍ رجال،ودرءُ المفاسدِ مُقْدمٌ على جَلْبِ المصالحِ،وضَبْطُ المصالحِ العامَّةِ واجب،والتَّصرُفُ في الرَّعيَّةِ مَنُوطٌ بالمصْلَحَة،والدَّفْعُ أسهلُ من الرَّفْع،والحرج مرفوع،وللوسائلِ أحكامُ المقَاصِد،والأصلُ في الأشياءِ الإِباحة )). وفي باب الحِكَمِ والتذكرة، نبذٌ منثورة، تُغني على قِصَرِها عن كثير من القول؛ كقول: ((منْ سَلَكَ سَبيل الرَّشاد بَلَغ كُنْه الُمراد، والديِّنُ أقوى عِصمة، والأمنُ أسنى نِعْمة، ونُصْرَةُ الحقِّ شَرَف، ورُبَّ صديقٍ أودَّ من شقيق، وإذا صَلحت المقَاصِد لم يَخِب القَاصِد، ولكل شيء صِنَاعة وصِنَاعة العَقْل حُسن الاختيار، والشَّجرةُ إن لم ثُسق يبست وإن لم تُثمِر قُطعت)).
وفي اللفظ الموزون أبيات هي من عيون النظم بلاغةً وجمالاً، في مجالات متعددة وأغراض مختلفة، تطربُ إليها الأسماع وتستطيبها القلوب، وتتغنى بها الألسن، هي تحفة الأنفس وتحليتها، وبهجة المَجَالس وريحانها، لما تحويه من الطُّرَفِ والنفائس، وتُعبر به عن مكنون الضمير؛ بلفظٍ موجزٍ بليغ، ومعنى أخَّاذٍ مليح.
ومن الموزون أيضاً فنٌ آخر بديع، ينتظم في أبيات حاصرة أو ضابطة، لمسائل من العلم وفنونه، تهدي إلى ضبط المعارف وحفظها، واستذكارها عند الحاجة إليها، ومن شاكلة ذلك:
• ألاَ إنما القرآن تسعةُ أحـرفٍ سأُنبيكها في بيتٍ شعرٍ بلا خجلْ
حلالٌ، حرامٌ، مُحْكمٌ، مُتشابهٌ بشيرٌ ، نذيرٌ، قصَّةٌ ، عِظَةٌ ، مَثَلْ
• ثمانيةٌ قـام الوجـودُ بها فهلْ ترى من محيصٍ للورى عن ثمانيهْ
سرورٌ،وحزنٌ،واجتماعٌ،وفُرقةٌ وعسرٌ، ويسـرٌ، ثم سقـمٌ، وعافيهْ
• شـروطُ بيـعٍ خمسـةُ واثنان رشـدٌ، وعـلمُ العـينِ، والأثمـانِ
إباحةٌ ، وملكه ، ثم الرضا وقٌـدرةُ التسليمِ ، فأفهم مامضى
• محمـدُ، إبراهيمُ، موسى كليمهُ فعيسى،فنوحٌ،هم: أولو العزم فاعلمِ
• غَرامِي(( صَحيحٌ ))والرَّجَا فيك(( مُعْضَلُ ))
وحُزني وَدْمعي(( مُرْسَلٌ ))و(( مُسَلْسَلُ ))(1).
وفي تراث الأمة بحور زاخرة، ومعين لاينضب، من جُمل الكلم التي تفتقت بها الأذهان، فتفجرت عن ينابيع أدبٍ رفيعٍ، وعِلمٍ محكم منيع، صاغته ألسنة العلماء، وأرباب البلاغة والبيان، حفظاً للعلوم وضبطاً للمعارف، ببيان موجز دال، حتى أضحت تلك الجُمل زاداً معرفياً، من التفت إليها وعني بها؛ حَصَّل وظفر، وتَجَمَّل وأَمْتَع.
د. علي بن يوسف بن خميس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذه من أنواع الحديث( الصحيح، والمعضل، والمرسل، والمسلسل).

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 3606



خدمات المحتوى


د. علي بن يوسف بن خميس
د. علي بن يوسف بن خميس

تقييم
1.01/10 (21 صوت)


Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.